الصين تنتصر على كــ ورونا
في الطريق إلى مترو الأنفاق بمحاذاة الأحياء السكنية جنوب شرق العاصمة الصينية بكين، يسير عدد من الأشخاص على الرصيف تحت أشعة الشمس التي رفعت درجات الحرارة تدريجيا، مع دنو فصل الربيع.
وفيما يتواصل الحذر بين الصينيين من انتقال عدوى فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، رغم إعلان السلطات سيطرتها عليه وتراجع أعداد المصابين به بشكل لافت، دبت الحياة مجددا في مترو الأنفاق الواصل إلى قلب المدينة القديمة باتجاه الغرب.
وداخل العربات، يحاول الركاب تجنب الجلوس المتجاور، فيما يفضل بعضهم الوقوف بعيدا عن المقاعد. ولم يرتق الحال بعد إلى الوضع الطبيعي الذي كانت عليه العاصمة قبل انتشار الفيروس الذي ضرب أكثر من ثمانين ألف صيني أغلبهم في ووهان.
فتح الأماكن العامة
أمام البوابة الرئيسية للقصر الإمبراطوري “المدينة المحرمة” وسط بكين، يحمل شاب صيني طفلته على كتفيه لالتقاط صورة لهما خلال مراسم رفع العلم الصيني في ميدان “تيان إن مان” التي تُجرى يوميا، صباحا ومساء.
يقول الشاب للجزيرة نت إن الانخفاض الكبير في أعداد الإصابات الجديدة المسجلة داخل الصين، واعتدال درجات الحرارة، دفعته للخروج من المنزل في نزهة قصيرة.
وعند المدخل الشرقي “للمدينة المحرمة”، تمارس ثلاث سيدات صينيات رياضات تقليدية على أنغام موسيقى شعبية، وقد دفعت حركاتهن التي تشبه الرقص العديد من المارة لالتقاط الصور، فيما حاول آخرون تقليدهن بحركات مشابهة.
وإلى الشرق من هذه المنطقة حيث توجد حديقة “ريتان” العامة، انتشر أطفال صغار مع ألعابهم بالقرب من الأشجار العالية، بينما حاول حارس أمن تفقد جميع زوار المكان للتأكد من التزامهم بإجراءات الوقاية ولبس الكمامات.
انتشار نشط
وقرب حي “سانليتون” أو ما يعرف بحي السفارات شرق بكين، فتح عدد من المطاعم والمحال التجارية أبوابه، مع التزام واضح بالتعليمات الصادرة عن الجهات الحكومية حول آلية عملها.
يقول أشرف أبو سخن صاحب مطعم السفير إنهم يلتزمون بفحص درجات حرارة الزبائن، وتسجيل أسمائهم وعناوين سكنهم وأرقام التواصل معهم، إضافة لتدوين رقم البطاقة الشخصية، مشيرا إلى أن كل طاولة تتسع فقط لثلاثة أشخاص.
ويضيف أبو سخن للجزيرة نت أن الجهات الحكومية في بكين حددت الساعة الثامنة مساء موعدا للإغلاق، وتشرف بصورة مباشرة على عمليات تعقيم المطاعم والمحال التجارية، وتتأكد من سلامة تطبيق التعليمات التي تساهم في مكافحة الوباء، تمهيدا لعودة الحياة إلى طبيعتها.
من جهته، قال أيمن قنبر صاحب مطعم “الأمين” إن حركة الزبائن تزايدت خلال الأيام الأخيرة مع اعتدال الطقس وارتفاع درجات الحرارة، مضيفا للجزيرة نت أن العديد من الزبائن يفضلون الجلوس في الأماكن المفتوحة في ساحة المطعم.
ووفق أحدث إشعار حكومي صادر عن مكتب التجارة في بكين، فإنه “لن يسمح لمتناولي الطعام بالجلوس وجها لوجه في المطاعم، ووضع طاولات الطعام على مسافة متر واحد على الأقل”، بحسب بيان صادر اليوم.
شعور بالأمان
على شرفة أحد المقاهي في حي “سانليتون” تطل على ساحة كبيرة تتوزع على جوانبها محال تجارية، قال زوجان من فنزويلا للجزيرة نت إن الشعور بالأمان -في ظل انخفاض تسجيل إصابات جديدة- دفعهما للخروج من المنزل والجلوس في مكان مفتوح لشرب القهوة وتناول الطعام.
وفي الجهة المقابلة، يجلس شاب في عقده الرابع من العمر، وحيدا على طاولة صغيرة، يرتدي كمامة طبية يزيلها بين الحين والآخر لشرب القليل من القهوة.
يقول للجزيرة نت، إنه أمضى شهرين كاملين في المنزل، لكن رؤية مزيد من الناس في الطرقات كان دافعا لخروجه، مضيفا أن إجراءات الكشف والوقاية في جميع الأماكن تشعره بأن المدينة باتت “أكثر أمنا”.
وفي الساحة الخارجية، يقف رجل ذو ملامح غربية، يحمل كاميرته لالتقاط صورة لحارس الأمن الذي يفحص درجات حرارة الراغبين في دخول المجمع التجاري.
يقول الفرنسي إيريك فافيلير الذي يقيم في بكين منذ سنوات ويعمل مصورا فوتوغرافيا، إن أعداد الزوار بدأت بالتزايد التدريجي منذ بداية الشهر الجاري، بعد إعادة فتح بعض الحدائق والأماكن العامة، مشيرا للجزيرة نت أنه لاحظ ذلك خلال تنقلاته اليومية بين العديد من المناطق داخل المدينة.
وفي ظل تدني درجات الحرارة ليلا، تنخفض أصوات السيارات تدريجيا مع اتجاه الشمس نحو المغيب، وتبدأ أعداد المارة بالانحسار التدريجي.
الجزيرة. نت