نصائح للمقبلين على الامتحان الشفوي
تعتبر الامتحانات أكبر الهواجس التي تواجه معظمنا في حياتهم الدراسية؛ وذلك لما لها من قدرة على اختبار قدراتنا العملية، وتحديد مستقبل مسارنا التعلمي …، وإن قارنا بين الامتحان الكتابي والشفوي من حيث الصعوبة، فأجزم أنّ الكفة ستميل لثاني الاختيارين؛ لما يتطلبه من سرعة في ردة الفعل، وطرح آني للإجابة دونما القدرة لا على استعمال مسودة ولا على اختيار ترتيب الأسئلة، فهو أكثرُ تلقائيةً وواقعيةً … لهذا، سأحاول أن أقدم بعض النصائح العملية، والتي ستساعدكم بشكلٍ أو بآخر في تخطي مخاوف الامتحان الشفوي، والسيطرة على النفس، وعلى ردات الفعل بطريقة مُحْكَمَة.
1- المعرفة الجيدة لموضوع الامتحان
إنّ أول ما يجب معرفته هو الموضوع الذي سيتم تناوله في الامتحان الشفوي، بحيث يجب الإلمام بمختلف جوانبه، والبحث عن أكبر قدر من المعلومات بخصوصه اعتماداً على مقررك الدراسي، أو باستخدام الانترنيت، فهو اليوم كفيلٌ بالقيام بهذه المهمة بسهولة وبسرعة. بعدها، يكفي تدوين مختلف الأفكار الأساسية المتوصل لها ومحاولة تنسيق هذه الحصيلة المعرفية عبر إيجاد روابط منطقية بينها …، إنّ الربطَ بين مختلف الأفكار ومحاور الموضوع سيساعدك تحديداً في حال استصعبك سؤال ما، بحيث تقوم بطريقة ذكية بتخطي الإجابة عنه عبر الانفتاح على فكرة أخرى، هكذا ستراوغ اللجنة قليلاً وتقنعها، وتنقذ أيضاً نفسك من الموقف. كذلك، فالتنظيم الجيد لمحاور الموضوع أثناء المراجعة سيساعدك على تحديد مجموعة من الأسئلة التي تتوقع طرحها أثناء الامتحان، وهي طريقة استعداد ستفيدك كثيراً.
2- عد خطوة إلى الوراء
فكر قليلاً في خلفية الامتحان وطبيعته …، مثلاً: أهو امتحان يخص مادة دراسية، أم بحث أُلزِمْتَ بتحضيره وتقديمه؟ أستقوم بإلقاءه أمام لجنة مدرسين مغلقة، أم بحضور زملاء الدراسة؟ أسيكون امتحانك فردياً أم جماعياً؟ هي أسئلة متعددة يمكن أن تحدد لك الإطار العام الذي سيجرى خلاله امتحانك الشفوي، وعلى أساسها يمكنك أن تستعد نفسياً وأيضاً عملياً.
3- تسيير وقت الامتحان الشفوي
“الوقت كالسيف، إن لم تقطعهُ قطعك” …، ربما هي أنسب عبارة وأفضل نصيحة نستحضرها في هذه الفقرة، فتسيير الوقت أثناء الامتحان الشفوي مختلف تماماً عن نظيره الكتابي؛ في هذا الأخير يكفي أن تقرأ ورقة الأسئلة كاملةً لتحدد الترتيب الأنسب للإجابة، اعتماداً على مجموعة من العوامل كسلم التنقيط وطول السؤال وغيرهما …، لكن الامتحان الشفوي، يعتمد على نظرة تحددها المدة العامة للامتحان، موضوعه، وطبيعته …، إذ لا يعقل أن يوجه لك 30 سؤالاً في امتحان مدته عشر دقائق يخص مادة علمية تتطلب الشرح والتفسير! أو أن تدخل امتحان نصف ساعة مع اثنين من زملائك فتسأل سؤالاً واحداً! لهذا، وبتحديدك للعوامل المذكورة سالفاً، يمكنك أن تميز بالتقريب عدد الأسئلة التي سيتم طرحها، وتقسم على أساسه الوقت اللازم للإجابة على كل سؤال.
4- الخطابة وحسن الإلقاء
إنّ إجادة الإلقاء وضبط التقديم لا يلقن بين عشية وضحاها، فهو يتطلب من الجهد والجدية الكثير، وإنّ التمرن لهو الطريقة المثلى لإتقانه، وواجب عليك خصوصاً إن كنت مقبلاً على اجتياز أول امتحان شفوي لك، والتمرن هنا لا يخص الفحوى بقدر ما يخص طريقة التقديم والجلوس والإجابة وغيرهم …، فهي أمور تُؤخَذ بعين الاعتبار، وأهميتها من أهمية الإجابة وأكثر. لهذا، جرب مثلاً أن تقرأ وتقدم بصوتٍ عالٍ دون النظر في النقاط التي دونتها عن الموضوع، فسيساعدك الأمر على ضبط مخارج حروفك والتحدث لمدة طويلة دون تعب أو عياء، والأهم من ذلك أنّ هذا سيمكنك من الموازنة بين التفكير والكلام في آن واحد، هي معادلة صعبة قليلاً لكن التمرن كفيلٌ بتمكينك إياها. أيضاً، استعن بمجموعة صغيرة من الأقارب أو الأصدقاء كبديل للّجنة، وذلك للتخلص من رهاب الامتحان والتلعثم في الكلام، والتحدث أمام العامة، وقم كذلك بمراجعة موضوع الامتحان أمام المرآة؛ وذلك لضبط تعابير وجهك وتثبيت نظرة ثقة في النفس وابتسامة تيقن من قدراتك.
5- تخلص من القلق
لا يوجد خلطة طبيعية ولا طلسم سحري للتخلص من القلق، فقط قاعدة بسيطة تخبرنا أنّه “كلما حضرنا جيداً للامتحان، سنتخلص أكثر من القلق”، أو طريقة أوضح “كلما استعدينا مبكراً للامتحان، أمكننا تدارك الكثير من الهفوات وتعلم المزيد من المعلومات، وبالتالي زادت ثقتنا بأنفسنا، وسيطرنا بذلك بطريقة أنجح على قلقنا وخوفنا ” … لهذا، لا تجعل هول الامتحان ينسيك قدرتك على اجتيازه، ولا تعتبره غولاً لا يمكن هزيمته أو تخطيه، فهو وإن اختلفت طبيعته يبقى امتحاناً كغيره، وتذكر أنّ جميع زملائك يواجههم نفس القلق، وربما أكثر، فلتعتبرها إذاً، نقطة قوة لصالحك، وتحكم في قلقك ومخاوفك.
أشير هنا أيضاً إلى ضرورة الحضور قبل الامتحان بمدة نصف أو ربع ساعة تقريباً؛ حتى تتمكن من التهيؤ نفسياً لدخول قاعته، وأنصحك بتجنب الوقوف مع زملائك وقتها، فهذا سيزيد من توترك، وأبسط ما قد يقولونه بخصوص الامتحان قد يربكك.
6- الطريقة المثلى للإجابة
بعد تمرنك وضبطك لمختلف النقاط التي أشرنا إليها سابقاً، يكفي الآن أن تدخل لقاعة الامتحان وتجلس بطريقة مناسبة ونظرك مثبت في أعضاء اللجنة أمامك، وتبدأ في الإجابة على الأسئلة الموجهة إليك. لا يجب أن تتحدث بسرعة حتى يفهمك الجميع، وإجاباتك يجب أن تكون محددة تتماشى مع طبيعة السؤال المطروح، فإن طلب منك تعريف مصطلح ما مثلاً يكفي أن تشير تحديداً إلى أنّ المقصود هو كذا وكذا دون إطالة أو تفصيل، أمّا إن كان السؤال يستدعي تفسير نقطة ما أو تحديدها، فيمكن أن تستهل جوابك بمقدمات صغيرة تقدم لك مدة وجيزة للتفكير وتخول لك ترتيب أفكارك كأن تقول مثلا: “يعتبر هذا السؤال من بين أهم الأسئلة الشائكة بخصوص موضوع كذا، حيث أنّ ….”، “لا يمكن الحديث عن كذا دون الطرق إلى هذه النقطة، كون أنّ ….” ، “إنّه سؤال مهم جداً، وإجابةً عليه، يمكن القول أنّ ….” وغيرها من العبارات التي ستساعدك على تنشيط ذاكرتك وفتح المجال للإجابة والغوص في الموضوع.
أنصحك أيضاً بفهم السؤال الموجه لك جيداً، فكما هو متعارف عليه، السؤال هو نصف الجواب، لهذا:
- إن لم تفهم سؤالاً ما فلا تغامر في الإجابة عليه عبطاً أو عشوائياً، بل اطلب بأدب إعادة صياغته، فالممتحن هنا لمساعدتك. يمكنك أيضاً أن تعيد طرح ما فهمته من السؤال واطلب التأكيد من اللجنة، مثلاً: قل “إنّ ما فهمته من سؤالك سيدي أنّك تطلب كذا وكذا، أليس كذلك؟”، “بعبارة أخرى، تريد سيدي القول أن …. أذلك مقصدك أم أنّ فهمي قد أخطأ؟”، وغيرها من العبارات المناسبة لتدارك الموقف.
- إن وجدت أنّ السؤال قد طُرِحَ سابقاً، فهو غالباً للتأكد من المحافظة على تركيزك، من ثقتك بإجاباتك أو من أجل إرباكك، لهذا اتبع مبدأ “بضاعتكم ردت إليكم”، ابدأ إجابتك بـ “كما أوضحت سابقاً فـ … ” وأعد صياغة ما أجبته في نفس السؤال السابق، ثم أتمم إجابتك بسؤال اللجنة عما إذا كان هذا الجواب هو المطلوب أم أنّك لم أفهم السؤال جيداً؟”، هكذا ستثبت لهم ما أرادوه مهما اختلف.
7- لا بأس لو أخطأت
قد تخطئ في إجابتك على سؤالٍ ما …، لا تقلق ولا تفقد توازنك وتركيزك، ولا تتصنع الكمال فأنت ككل البشر قد تخطئ، لكن تميز ولو قليلاً وتدارك الخطأ! اعتذر عن الأمر وتابع الإجابة بكل جدية ودون تردد، فإن شعرت اللجنة الممتحنة إصرارك وثقتك في إجاباتك وفي نفسك قد تتغاضى عن خطئك، فكما أوضحت لك سابقاً، الغرض من الامتحان الشفوي هو اختبار القدرات والتركيز وردات فعل المترشح الواقعية أكثر من اختبار معارفه وإجابته، وإلاّ فكانت ستقتصر على الامتحان الكتابي.
أتمنى أن تفيدكم هذه النصائح ولو قليلاً في اجتياز امتحاناتكم الشفوية بنجاح، ولا تنسوا مشاركتنا تجاربكم مع هذا النوع من الامتحانات، فهذا سيُسْعِدنا ويُساعِدُنا لا محاله.